فصل: سَرِيّةُ زَيْدٍ إلَى الْجَمُومِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.فصل كَانَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَتَوْهِيمُ مَنْ قَالَ بِخِلَافِ ذَلِكَ:

وَهَذِهِ الْغَزْوَةُ كَانَتْ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ وَهِمَ فِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي وَالسّيَرِ فَذَكَرُوا أَنّهَا كَانَتْ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالدّلِيلُ عَلَى صِحّةِ مَا قُلْنَاهُ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمّارٍ قَالَ حَدّثَنِي إيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَرَبَاحٌ بِفَرَسٍ لِطَلْحَةَ أَنْدُبُهُ مَعَ الْإِبِلِ فَلَمّا كَانَ بِغَلَسٍ أَغَارَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إبِلِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَتَلَ رَاعِيَهَا وَسَاقَ الْقِصّةَ رَوَاهَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِطُولِهَا وَوَهِمَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ فِي سِيرَتِهِ فِي ذَلِكَ وَهْمًا بَيّنًا فَذَكَرَ غَزَاةَ بَنِي لِحْيَانَ بَعْدَ قُرَيْظَةَ بِسِتّةِ أَشْهُرٍ ثُمّ قَالَ لَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَةَ لَمْ يَمْكُثْ إلّا لَيَالِيَ حَتّى أَغَارَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ وَذَكَرَ الْقِصّةَ. وَاَلّذِي أَغَارَ عَبْدُ الرّحْمَنِ وَقِيلَ أَبُوهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ قَوْلِ سَلَمَةَ قَدِمْت الْمَدِينَةَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ؟.

.سَرَايَا سَنَةِ سِتّ:

.سَرِيّةُ عُكَاشَةَ بْنِ مُحْصِنٍ إلَى الْغَمْرِ:

وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيّ عِدّةَ سَرَايَا فِي سَنَةِ سِتّ مِنْ الْهِجْرَةِ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي رَبِيعٍ الْأَوّلِ- أَوْ قَالَ الْآخِرِ- سَنَةَ سِتّ مِنْ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ عُكَاشَةَ بْنَ مُحْصِنٍ الْأَسَدِيّ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا إلَى الْغَمْرِ وَفِيهِمْ ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ وَسِبَاعُ بْنُ وَهْبٍ فَأَجَدّ السّيْرَ وَنَذِرَ الْقَوْمُ بِهِمْ فَهَرَبُوا فَنَزَلَ عَلَى مِيَاهِهِمْ وَبَعَثَ الطّلَائِعَ فَأَصَابُوا مَنْ دَلّهُمْ عَلَى بَعْضِ مَاشِيَتِهِمْ فَوَجَدُوا مِائَتَيْ بَعِيرٍ فَسَاقُوهَا إلَى الْمَدِينَةِ.

.سَرِيّةُ أَبِي عُبَيْدَةَ إلَى ذِي الْقَصّةِ:

وَبَعَثَ سَرِيّةَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرّاحِ إلَى ذِي الْقَصّةِ فَسَارُوا لَيْلَتَهُمْ مُشَاةً وَوَافَوْهَا مَعَ الصّبْحِ فَأَغَارُوا عَلَيْهِمْ فَأَعْجَزُوهُمْ هَرَبًا فِي الْجِبَالِ وَأَصَابُوا رَجُلًا وَاحِدًا فَأَسْلَمَ.

.سَرِيّةُ مُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ:

مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوّلِ فِي عَشْرَةِ نَفَرٍ سَرِيّةً فَكَمَنَ الْقَوْمُ لَهُمْ حَتّى نَامُوا فَمَا شَعَرُوا إلّا بِالْقَوْمِ فَقُتِلَ أَصْحَابُ مُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَأَفْلَتَ مُحَمّدٌ جَرِيحًا.

.سَرِيّةُ زَيْدٍ إلَى الْجَمُومِ:

وَفِي هَذِهِ السّنَةِ- وَهِيَ سَنَةُ سِتّ- كَانَتْ سَرِيّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بِالْجَمُومِ فَأَصَابَ امْرَأَةً مِنْ مُزَيْنَةَ يُقَالُ لَهَا: حَلِيمَةُ فَدَلّتْهُمْ عَلَى مَحَلّةٍ مِنْ مَحَالّ بَنِي سُلَيْمٍ فَأَصَابُوا نِعَمًا وَشَاءً وَأَسْرَى وَكَانَ فِي الْأَسْرَى زَوْجُ حَلِيمَةَ فَلَمّا قَفَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِمَا أَصَابَ وَهَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلْمُزَنِيّةِ نَفْسَهَا وَزَوّجَهَا.

.سَرِيّةُ زَيْدٍ إلَى الطّرَفِ:

وَفِيهَا- يَعْنِي: سَنَةَ سِتّ- كَانَتْ سَرِيّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إلَى الطّرَفِ فِي جُمَادَى الْأُولَى إلَى بَنِي ثَعْلَبَة فِي خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَهَرَبَتْ الْأَعْرَابُ وَخَافُوا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَارَ إلَيْهِمْ فَأَصَابَ مِنْ نَعَمِهِمْ عِشْرِينَ بَعِيرًا وَغَابَ أَرْبَعَ لَيَالٍ.

.سَرِيّةُ زَيْدٍ إلَى الْعِيصِ:

.إجَارَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَبَا الْعَاصِ وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ:

وَفِيهَا كَانَتْ سَرِيّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إلَى الْعِيصِ فِي جُمَادَى الْأُولَى وَفِيهَا: أُخِذَتْ الْأَمْوَالُ الّتِي كَانَتْ مَعَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ زَوْجِ زَيْنَبَ مَرْجِعَهُ مِنْ الشّامِ وَكَانَتْ أَمْوَالُ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرّبِيعِ تَاجِرًا إلَى الشّامِ وَكَانَ رَجُلًا مَأْمُونًا وَكَانَتْ مَعَهُ بَضَائِعُ لِقُرَيْشٍ فَأَقْبَلَ قَافِلًا فَلَقِيَتْهُ سَرِيّةٌ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَاسْتَاقُوا عِيرَهُ وَأَفْلَتَ وَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمَا أَصَابُوا فَقَسّمَهُ بَيْنَهُمْ وَأَتَى أَبُو الْعَاصِ الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَاسْتَجَارَ بِهَا وَسَأَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ لَهُ مِنْ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَدّ مَالِهِ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ النّاس فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ السّرِيّةَ فَقَالَ إنّ هَذَا الرّجُلَ مِنّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ وَقَدْ أَصَبْتُمْ لَهُ مَالًا وَلِغَيْرِهِ وَهُوَ فَيْءُ اللّهِ الّذِي أَفَاءَ عَلَيْكُمْ فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تَرُدّوا عَلَيْهِ فَافْعَلُوا وَإِنْ كَرِهْتُمْ فَأَنْتُمْ وَحَقّكُمْ فَقَالُوا: بَلْ نَرُدّهُ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللّهِ فَرَدّوا عَلَيْهِ مَا أَصَابُوا حَتّى إنّ الرّجُلَ لَيَأْتِي بِالشّنّ وَالرّجُلُ بِالْإِدَاوَةِ وَالرّجُلُ بِالْحَبْلِ فَمَا تَرَكُوا قَلِيلًا أَصَابُوهُ وَلَا كَثِيرًا إلّا رَدّوهُ عَلَيْهِ ثُمّ خَرَجَ حَتّى قَدِمَ مَكّةَ فَأَدّى إلَى النّاسِ بَضَائِعَهُمْ حَتّى إذَا فَرَغَ قَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ هَلْ بَقِيَ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ مَعِي مَالٌ لَمْ أَرُدّهُ عَلَيْهِ؟ قَالُوا: لَا فَجَزَاك اللّهُ خَيْرًا قَدْ وَجَدْنَاك وَفِيّا كَرِيمًا فَقَالَ أَمَا وَاَللّهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أُسْلِمَ قَبْلَ أَنْ أَقْدَمَ عَلَيْكُمْ إلّا تَخَوّفًا أَنْ تَظُنّوا أَنّي إنّمَا أَسْلَمْتُ لِأَذْهَبَ بِأَمْوَالِكُمْ فَإِنّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَأَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

.رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ لِقِصّةِ أَبِي الْعَاصِ:

وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ الْوَاقِدِيّ وَابْنِ إسْحَاقَ يَدُلّ عَلَى أَنّ قِصّةَ أَبِي الْعَاصِ كَانَتْ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ وَإِلّا فَبَعْدَ الْهُدْنَةِ لَمْ تَتَعَرّضْ سَرَايَا رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِقُرَيْشٍ. وَلَكِنْ زَعَمَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنّ قِصّةَ أَبِي الْعَاصِ كَانَتْ بَعْدَ الْهُدْنَةِ وَأَنّ الّذِي أَخَذَ الْأَمْوَالَ أَبُو بَصِيرٍ وَأَصْحَابُهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأَنّهُمْ كَانُوا مُنْحَازِينَ بِسِيفِ الْبَحْرِ وَكَانَتْ لَا تَمُرّ بِهِمْ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ إلّا أَخَذُوهَا هَذَا قَوْلُ الزّهْرِيّ. قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ فِي قِصّةِ أَبِي بَصِيرٍ: وَلَمْ يَزَلْ أَبُو جَنْدَلٍ وَأَبُو بَصِيرٍ وَأَصْحَابُهُمَا الّذِينَ اجْتَمَعُوا إلَيْهِمَا هُنَالِكَ حَتّى مَرّ بِهِمْ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرّبِيعِ وَكَانَتْ تَحْتَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَخَذُوهُمْ وَمَا مَعَهُمْ وَأَسَرُوهُمْ وَلَمْ يَقْتُلُوا مِنْهُمْ أَحَدًا لِصِهْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ أَبِي الْعَاصِ وَأَبُو الْعَاصِ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ لِأَبِيهَا وَأُمّهَا وَخَلّوْا سَبِيلَ أَبِي الْعَاصِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ فَكَلّمَهَا أَبُو الْعَاصِ فِي أَصْحَابِهِ الّذِينَ أَسَرَهُمْ أَبُو جَنْدَلٍ وَأَبُو بَصِيرٍ وَمَا أَخَذُوا لَهُمْ فَكَلّمَتْ زَيْنَبُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ذَلِكَ فَزَعَمُوا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَامَ فَخَطَبَ النّاسَ فَقَالَ إنّا صَاهَرْنَا أُنَاسًا وَصَاهَرْنَا أَبَا الْعَاصِ فَنِعْمَ الصّهْرُ وَجَدْنَاهُ وَإِنّهُ أَقْبَلَ مِنْ الشّامِ فِي أَصْحَابٍ لَهُ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَخَذَهُمْ أَبُو جَنْدَلٍ وَأَبُو بَصِيرٍ وَأَخَذُوا مَا كَانَ مَعَهُمْ وَلَمْ يَقْتُلُوا مِنْهُمْ أَحَدًا وَإِنّ زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللّهِ سَأَلَتْنِي أَنْ أُجِيرَهُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ مُجِيرُونَ أَبَا الْعَاصِ وَأَصْحَابَهُ؟ فَقَالَ النّاسُ نَعَمْ فَلَمّا بَلَغَ أَبَا جَنْدَلٍ وَأَصْحَابَهُ قَوْلُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي أَبِي الْعَاصِ وَأَصْحَابِهِ الّذِينَ كَانُوا عِنْدَهُ مِنْ الْأَسْرَى رَدّ إلَيْهِمْ كُلّ شَيْءٍ أَخَذَ مِنْهُمْ حَتّى الْعِقَالَ وَكَتَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى أَبِي جَنْدَلٍ وَأَبِي بَصِيرٍ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَيَأْمُرُ مَنْ مَعَهُمَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى بِلَادِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَأَلّا يَتَعَرّضُوا لِأَحَدٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَعِيرِهَا فَقَدِمَ كُتّابُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى أَبِي بَصِيرٍ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَمَاتَ وَهُوَ عَلَى صَدْرِهِ وَدَفَنَهُ أَبُو جَنْدَلٍ مَكَانَهُ وَأَقْبَلَ أَبُو جَنْدَلٍ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَمِنَتْ عِيرُ قُرَيْشٍ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.

.تَرْجِيحُ الْمُصَنّفِ لِرِوَايَةِ ابْنِ عُقْبَةَ:

وَقَوْلُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: أَصْوَبُ وَأَبُو الْعَاصِ إنّمَا أَسْلَمَ زَمَنَ الْهُدْنَةِ وَقُرَيْشٌ إنّمَا انْبَسَطَتْ عِيرُهَا إلَى الشّامِ زَمَنَ الْهُدْنَةِ وَسِيَاقُ الزّهْرِيّ لِلْقِصّةِ بَيّنٌ ظَاهِرٌ أَنّهَا كَانَتْ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ.

.سَرِيّةُ زَيْدٍ إلَى حِسْمَى وَهِيَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ:

قَالَ الْوَاقِدِيّ: وَفِيهَا أَقْبَلَ دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيّ مِنْ عِنْدِ قَيْصَرَ وَقَدْ أَجَازَهُ بِمَالٍ وَكُسْوَةٍ فَلَمّا كَانَ بِحِسْمَى لَقِيَهُ نَاسٌ مِنْ جُذَامٍ فَقَطَعُوا عَلَيْهِ الطّرِيقَ فَلَمْ يَتْرُكُوا مَعَهُ شَيْئًا فَجَاءَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ فَأَخْبَرَهُ فَبَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إلَى حِسْمَى. قُلْت: وَهَذَا بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ بِلَا شَكّ.

.سَرِيّةُ عَلِيّ إلَى فَدَكَ:

قَالَ الْوَاقِدِيّ: وَخَرَجَ عَلِيّ فِي مِائَةِ رَجُلٍ إلَى فَدَكَ إلَى حَيّ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَذَلِكَ أَنّهُ بَلَغَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّ بِهَا جَمْعًا يُرِيدُونَ أَنْ يَمُدّوا يَهُودَ خَيْبَرَ فَسَارَ إلَيْهِمْ يَسِيرُ اللّيْلَ وَيَكْمُنُ النّهَارَ فَأَصَابَ عَيْنًا لَهُمْ فَأَقَرّ لَهُ أَنّهُمْ بَعَثُوهُ إلَى خَيْبَرَ فَعَرَضُوا عَلَيْهِمْ نُصْرَتَهُمْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا لَهُمْ ثَمَرَ خَيْبَرَ.

.سَرِيّةُ ابْنِ عَوْفٍ إلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ:

قَالَ وَفِيهَا سَرِيّةُ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ إلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ فِي شَعْبَانَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنْ أَطَاعُوك فَتَزَوّجْ ابْنَةَ مَلِكِهِمْ فَأَسْلَمَ الْقَوْمُ وَتَزَوّجَ عَبْدُ الرّحْمَنِ تَمَاضُرَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ وَهِيَ أُمّ أَبِي سَلَمَةَ وَكَانَ أَبُوهَا رَأْسَهُمْ وَمَلِكَهُمْ.

.سَرِيّةُ كُرْزٍ إلَى الْعُرَنِيّينَ وَكَانَتْ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ:

قَالَ وَكَانَتْ سَرِيّةُ كُرْزِ بْنِ جَابِرٍ الْفِهْرِيّ إلَى الْعُرَنِيّينَ الّذِينَ قَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ فِي شَوّالٍ سَنَةَ سِتّ وَكَانَتْ السّرِيّةُ عِشْرِينَ فَارِسًا. قُلْت: وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنّهَا كَانَتْ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَتْ فِي ذِي الْقِعْدَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَقِصّةُ الْعُرَنِيّينَ فِي الصّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ أَتَوْا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا أَهْلُ ضَرْعٍ وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ فَاسْتَوْخَمْنَا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِذَوْدٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهَا فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَلَمّا صَحّوا قَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاسْتَاقُوا الذّوْدَ وَكَفَرُوا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ سَمَلُوا عَيْنَ الرّاعِي فَبَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي طَلَبِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَتَرَكَهُمْ فِي نَاحِيَةِ الْحَرّةِ حَتّى مَاتُوا أَبِي الزّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اللّهُمّ عَمّ عَلَيْهِمْ الطّرِيقَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ أَضْيَقَ مِنْ مَسْكِ جَمَلٍ فَعَمّى اللّهُ عَلَيْهِمْ السّبِيلَ فَأُدْرِكُوا. وَذَكَرَ الْقِصّةَ.

.الْفِقْهُ الْمُسْتَنْبَطُ مِنْ حَدِيثِ الْعُرَنِيّينَ:

وَفِيهَا مِنْ الْفِقْهِ جَوَازُ شُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَطَهَارَةُ بَوْلِ مَأْكُولِ اللّحْمِ وَالْجَمْعُ لِلْمُحَارِبِ إذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ بَيْنَ قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ وَقَتْلِهِ وَأَنّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي كَمَا فَعَلَ فَإِنّهُمْ لَمّا سَمَلُوا عَيْنَ الرّاعِي سَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنّ الْقِصّةَ مُحْكَمَةٌ لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ وَالْحُدُودُ نَزَلَتْ بِتَقْرِيرِهَا لَا بِإِبْطَالِهَا. وَاللّهُ أَعْلَمُ.

.فَصْلٌ فِي قِصّةِ الْحُدَيْبِيَةِ:

.مَتَى حَدَثَتْ:

قَالَ نَافِعٌ: كَانَتْ سَنَةُ سِتّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَهَذَا هُوَ الصّحِيحُ وَهُوَ قَوْلُ الزّهْرِيّ وَقَتَادَةَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَمُحَمّدِ بْنِ إسْحَاقَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْحُدَيْبِيَةِ فِي رَمَضَانَ وَكَانَتْ فِي شَوّالٍ وَهَذَا وَهْمٌ وَإِنّمَا كَانَتْ غَزَاةُ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ وَقَدْ قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ إنّهَا كَانَتْ فِي ذِي الْقِعْدَةِ عَلَى الصّوَابِ.

.كَمْ اعْتَمَرَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَيَاتِهِ:

الصّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ أَنّ النّبِيّ. صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلّهُنّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ فَذَكَرَ مِنْهَا عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ.

.كَمْ كَانَ مَعَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم:

وَكَانَ مَعَهُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ هَكَذَا فِي الصّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ وَعَنْهُ فِيهِمَا: كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَة وَفِيهِمَا: عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: كُنّا أَلْفًا وَثَلَاثَمِائَةٍ قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ: كَمْ كَانَ الّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرّضْوَانِ؟ قَالَ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةٍ. قَالَ قُلْتُ فَإِنّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ قَالَ كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةٍ قَالَ يَرْحَمُهُ اللّهُ أَوْهَمَ هُوَ حَدّثَنِي أَنّهُمْ كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةٍ. قُلْت: وَقَدْ صَحّ عَنْ جَابِرٍ الْقَوْلَانِ وَصَحّ عَنْهُ أَنّهُمْ نَحَرُوا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ فَقِيلَ لَهُ كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ بِخَيْلِنَا وَرَجْلِنَا يَعْنِي فَارِسَهُمْ وَرَاجِلَهُمْ وَالْقَلْبُ إلَى هَذَا أَمْيَلُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي أَصَحّ الْمُسَيّبِ بْنِ حَزْنٍ قَالَ شُعْبَةُ: عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ عَنْ أَبِيهِ كُنّا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَحْتَ الشّجَرَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. وَغَلِطَ غَلَطًا بَيّنًا مَنْ قَالَ كَانُوا سَبْعَمِائَةٍ وَعُذْرُهُ أَنّهُمْ نَحَرُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ بدنه وَالْبَدَنَةُ قَدْ جَاءَ إجْزَاؤُهَا عَنْ سَبْعَةٍ وَعَنْ عَشْرَةٍ وَهَذَا لَا يَدُلّ عَلَى مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ فَإِنّهُ قَدْ صَرّحَ بِأَنّ الْبَدَنَةَ كَانَتْ فِي هَذِهِ الْعُمْرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ فَلَوْ كَانَتْ السّبْعُونَ عَنْ جَمِيعِهِمْ لَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ رَجُلًا وَقَدْ قَالَ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ إنّهُمْ كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ.

.فصل تَقْلِيدُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْهَدْيَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَعْثُهُ عَيْنًا لَهُ ابْنَ خُزَاعَةَ إلَى قُرَيْشٍ:

فَلَمّا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلّدَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ حَتّى إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ أَتَاهُ عَيْنُهُ فَقَالَ إنّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيّ قَدْ جَمَعُوا لَك الْأَحَابِيشَ وَجَمَعُوا لَك جُمُوعًا وَهُمْ مُقَاتِلُوك وَصَادّوك عَنْ الْبَيْتِ وَمَانِعُوك وَاسْتَشَارَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَصْحَابَهُ وَقَالَ أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ إلَى ذَرَارِيّ هَؤُلَاءِ الّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ فَإِنْ قَعَدُوا قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْرُوبِينَ وَإِنْ يَجِيئُوا تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَهَا اللّهُ أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمّ الْبَيْتَ فَمَنْ صَدّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: اللّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ إنّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَلِمَ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَلَكِنْ مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَرُوحُوا إذًا فَرَاحُوا حَتّى إذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطّرِيقِ قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتّى إذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ وَسَارَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى إذَا كَانَ بِالثّنِيّةِ الّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَقَالَ النّاسُ حَلْ حَلْ فَأَلَحّتْ فَقَالُوا: خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ ثُمّ قَالَ وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطّةً يُعَظّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللّه إلّا أَعْطَيْتُهُمْ إيّاهَا ثُمّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ بِهِ فَعَدَلَ حَتّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءُ إنّمَا يَتَبَرّضُهُ النّاسُ تَبَرّضًا فَلَمْ يُلْبِثْهُ النّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ فَشَكَوْا إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْعَطَشَ فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ قَالَ فَوَاَللّهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرّيّ حَتّى صَدَرُوا عَنْهُ.